You are currently viewing أهمية البوتاسيوم في النبات ووظائفه الأساسية

أهمية البوتاسيوم في النبات ووظائفه الأساسية

يُعد البوتاسيوم (K) واحدًا من العناصر الكبرى الضرورية لنمو النبات وإنتاج المحاصيل بكفاءة. في الورقة البحثية المعنونة “Potassium nutrition of plants: an overview on its crucial role in crop production” يتم استعراض دور البوتاسيوم في عمليات النبات الفسيولوجية، علاقته بالعناصر الأخرى، والحاجة إلى توازن تغذوي لضمان أعلى إنتاجية وجودة للمحاصيل.

الأدوار الفسيولوجية

البوتاسيوم يدخل في كثير من الوظائف الحيوية للنبات، منها:

  • تنشيط مئات الإنزيمات (خاصة في استقلاب النيتروجين والكربون، تكوين البروتين، التمثيل الضوئي).

  • تنظيم الضغط الاسموزي داخل الخلايا (osmotic regulation)، ما يساعد في التحكم في فتح وإغلاق الثغور وتنظيم فقدان الماء.

  • المساهمة في نقل الكربوهيدرات (النقل الطولي عبر الخلايا) وتوزيع السكريات داخل النبات.

  • المساهمة غير المباشرة في مقاومة الإجهادات البيئية مثل الجفاف أو الملوحة أو الصدمات.

عند نقص البوتاسيوم، تتأثر هذه الوظائف بشدة، مما يؤدي إلى ضعف النمو، تدهور جودة المحصول، وزيادة الحساسية للأمراض.

التوفر في التربة وأشكاله

البوتاسيوم في التربة يتواجد في ثلاث فئات رئيسية:

  1. البوتاسيوم الغير متاح (ضمن المعادن الصلبة مثل الفلسبارات والمعادن الطينية) — غالبًا يمثل 90–98٪ من إجمالي البوتاسيوم في التربة.

  2. البوتاسيوم القابل للتبادل (Exchangeable K) — الجزء الذي يرتبط بالسطوح الطينية أو العضوية ويمكن أن يتحرّر للاستخدام.

  3. البوتاسيوم في محلول التربة (Solution K) — الجزء المتاح الفوري للنبات (في المحلول المائي للتربة) — ولكنه يمثل نسبة صغيرة جدًا من الإجمالي.

قد يشكّل البوتاسيوم المتاح للتبادل والمحلول إجمالًا نحو 1–2٪ من إجمالي البوتاسيوم في التربة، بينما باقي الكمية تكون “مقيدة” في المعادن الطينية.

وتاسيوم الكلي، فإن الكميات التي يمكن للنبات امتصاصها تكون محدودة، وهو ما يستلزم إدارة مدروسة للتسميد.

التوصيات الكمية لاستخدام البوتاسيوم في المحاصيل

في الورقة البحثية تُستعرض دراسات عديدة حول معدلات التسميد بالبوتاسيوم في محاصيل مختلفة، وبعض النتائج النموذجية:

  • في حالة تفاح صنف “Red Fuji” لوحظ أن أعلى إنتاج وجودة فاكهة تحققت عند استخدام 600 كغ/هكتار من البوتاسيوم.

  • في الحمضيات (البرتقال) تم استخدام ما يقارب 500 كغ/هكتار من البوتاسيوم مع تحسّن في الإنتاج وجودة الثمار.

  • في دراسات أخرى، تم تجربة المحلول المغذي بتركيز 6 مليمول K في نمو الكمثرى، ووجد أنه يعزز النشاط الضوئي ويحسن النمو.

  • في تجربة على نباتات خضرية (كالفلفل مثلاً)، تمت تجربة تطبيق 150 كغ/هكتار من K₂SO₄ (كبريتات البوتاسيوم) وحققت نتائج جيدة في زيادة الوزن الجذري وتحسين مقاومة الأمراض.

هذه الأمثلة لا تعني أنها توصية مطلقة لكل حالة؛ بل تعطي مؤشرات على مدى التباين حسب نوع المحصول والظروف الصغروبيئية والتربة.

كما تشير الأبحاث إلى أن تسميد النيتروجين (N) دون مقابل كافٍ من البوتاسيوم قد يؤدي إلى هدر في النيتروجين وقلة الاستفادة منه. فعلى سبيل المثال، عند زيادة معدلات البوتاسيوم إلى جانب النيتروجين، قد تتحسن كفاءة استخدام النيتروجين (NUE).

في بعض التجارب الميدانية على محاصيل الحبوب، لوحظت زيادات في المحصول تتراوح بين 15.5٪ إلى 32.5٪ عند استخدام تطبيقات مشتركة للن و K مقارنة بالتسميد الأحادي، اعتمادًا على السنوات والمواقع التجريبية.

التفاعل بين البوتاسيوم والعناصر الغذائية الأخرى (خصوصًا النيتروجين)

واحدة من أبرز النقاط التي تركز عليها الورقة هي التفاعل بين البوتاسيوم والنيتروجين (N–K interaction)، والذي يمكن أن يكون تفاعلاً تكامليًا أو تنافسيًا اعتمادًا على الظروف. بعض النقاط المهمة:

  • في النباتات، امتصاص النترات (NO₃⁻) غالبًا ما يكون مصحوبًا بامتصاص البوتاسيوم (كنيوترانسبورت مشترك). فإذا توفر البوتاسيوم بشكل كافٍ، يمكن أن يتم نقل النترات إلى الأجزاء العليا بشكل أكثر فعالية.

  • على الجانب الآخر، وجود أمونيوم (NH₄⁺) قد يعيق امتصاص البوتاسيوم بشكل كبير في بعض الحالات (مثلاً في شعير، حيث أُشير إلى أن NH₄⁺ قد يثبط امتصاص K⁺ بنسبة تصل إلى 90٪ في الأنظمة عالية التقارب).

  • نقص البوتاسيوم يمكن أن يقلل نشاط إنزيمات النترات ريدكتاز (NR) والإنزيمات المرتبطة بتمثيل النيتروجين (GS، GOGAT)، مما يبطئ من امتصاص النترات واستقلابها.

  • التكوين المتوازن بين N و K مهم جدًا؛ ففي بعض التجارب، استخدمت نسب N : K محسوبة بدقة لزيادة كفاءة الوظائف الفسيولوجية وإنتاج المحاصيل مع الحد من الفاقد من الأسمدة.

التحديات

  • بعض التربة قد تحتوي على بوتاسيوم كبير في الأشكال غير المتاحة للنبات (مقيدة في المعادن)، مما يقلل من فعالية التسميد.

  • التغيرات الموسمية، الرقم الهيدروجيني للتربة، تركيبة الطين والمركبات العضوية، ووجود الأملاح قد تؤثر على تبادل البوتاسيوم ومدى تيسر امتصاصه.

  • الإفراط في استخدام البوتاسيوم أو التطبيق غير المتوازن قد يؤدي إلى تأثيرات مضادة، بما في ذلك التثبيط أو التنافس مع المغنيسيوم أو الكالسيوم.

  • في بعض الحالات، قد ترتبط توصيات البوتاسيوم بكمية النيتروجين أو الفوسفور، ما يعني أن التسميد يجب أن ينظر إليه كنظام متكامل وليس كمكون مستقل.

توصيات عملية للتطبيق في نظم الزراعة

  1. إجراء تحليل للتربة وقياس البوتاسيوم المتبادل (Exchangeable K) لتحديد مدى النقص أو الاحتياج الفعلي قبل التسميد.

  2. اعتماد نظام تسميد متوازن بين النيتروجين والبوتاسيوم، مع مراعاة نسب N:K التي تحقق أفضل كفاءة للمحصول.

  3. تقسيم جرعات البوتاسيوم (جزء أساس + جزء أثناء النمو) لتقليل الفاقد بالانجراف أو التثبيت في التربة.

  4. اختيار مصدر بوتاسيوم مناسب (مثل KCl أو K₂SO₄) حسب حساسية المحصول للكلور أو الحاجة إلى الكبريت.

  5. مراقبة التربة بعد الزراعة—إضافة الكميات التصحيحية إذا لزم الأمر خلال الموسم.

  6. استخدام ممارسات الزراعة الدقيقة (الري المتوازن، التغطية العضوية، التكوين العضوي للتربة) لتحسين كفاءة البوتاسيوم وتقليل الفاقد.

خاتمة

تلخّص الورقة البحثية أن البوتاسيوم عنصر لا غنى عنه في تحقيق نمو نباتي صحي وإنتاجية مرتفعة للمحاصيل. الأهمية لا تكمن فقط في توفير كمية كافية من البوتاسيوم، بل في ضمان توازنه مع النيتروجين والعناصر الأخرى، وبطريقة تُراعي ظروف التربة والمناخ.

توصيات الأبحاث تشير إلى أن التطبيقات العملية للتسميد يجب أن تكون مخصصة حسب نوع المحصول والتحليل الموقعي، وأن المنهج المتكامل بين تحليل التربة + توازن العناصر الغذائية + تقنيات الزراعة الدقيقة هو الطريق الأكثر فعالية لتحقيق إنتاج محاصيل مستدام وعالي الجودة.


المراجع

  1. Potassium nutrition of plants: an overview on its crucial role in crop production

اترك تعليقاً